Wednesday, December 26, 2012

*78* عن تناقض النفس أتكلم (1)


تستوقفني إختلافاتنا و إشتراكاتنا
تستوقفني تناقضاتنا الداخلية
تستوقفني الأمزجة و تقلباتها السيكولوجية 
تستوقفني لقمة بساطتها و تعقدها في آن واحد

و نظرا لأنني في موسم الإختبارات النصف سنوية (يفترض أني مشغولة و ليس لدي من الوقت للتأمل) و لتناقض نفسي قررت  أن آخذ قسطا من الراحة للتأمل, يُحتمل يكون هروب, و لكن بم أنني أتأمل التناقض فسأترك نفسي تناقض الظروف و تأتي بوقت التأمل في غير موضعه الآن
--

السبب الذي جذبني لأكتب و أطلق لقلمي العنان هو تناقض حكمنا على الأشياء و الأناس من حولنا

- أقابل شخص, فيحفظ عقلي الباطن عنه إنطباعا ما سواء بالصواب كان أو الخطأ, و من ثم يقرر عقلي الباطن الحكم, هل هو مختلف أم متشابه؟ هل حينما يتكلم سأكون في موقف دفاعي أم هجومي أم لن أأبه بما يقول أم سأنصت له؟ 
الحكم يبدأ باكرا قبل أن يتطرق الطرف الآخر لقول أي حرف كان

- أقابل شخص آخر عن طريق كتاباته هنا أو هناك, فأنظر أولا, هل هو ممكن سبق أن حكمت عليهم مسبقا بحكم لا رد فيه؟ سواء كان صديق او قريب أو شخصية معروفة؟ حينها لا أفكر في الكلمات لأن إنطباعي قد سبق الحكم, أنا إذا كان شخصا أجهله و لكن لي من يعرفه أو ينشر كتاباته, إذا فحكمي على الشخصية المجهولة سيكون محكوم عليه بحكمي على شصخية من أعرفه(الواصل بيننا)(اال common friend), و هكذا أكون قد حكمت على شخص بمجهول بدلالة المعروف لدي سواء كان حكمي صائب أم خاطئ

-و نادرا نادرا ما يحدث الآتي .. أقابل شخصا آخر و لكن بدون رؤية نظرية, أراه عن طريق بضع كلمات هنا أو هناك أيضا, و لكن هذه المرة لا يكون هناك شخص كحلقة وصل, و لم أكن قد سمعت بها الإسم من قبل, حينها - إن كانت الكلمات واضحة لا تحتاج شرح لموضعها- فيبدأ عقلي الباطن التفكير فيها .. ثم البحث عن آراء أخرى و من ثم يبدأ عقلي بالحكم الجزئي أو الكلي.

و هنا السؤال .. لماذا وصلنا لتلك المرحلة من الظن و الحكم الغيابي و تغليب الإنطباع على الواقع؟
هذا الشخص في الموقف الثالث كان يمكن أن يكون في الأول أو الثاني؟ لا بل كان يمكن أن يكون صديقك المقرب أو أخوك أو والدك؟ و لكن لن تعيره إهتمام كافي لأنك قد حكمت عليه مسبقا بحكم ما

في حياتي آمنت أن الإنطباع هام و ضروري, و لكني صدمت بأن حالنا وصل لكسر كل قاعدة و منها "البيت يبين من عنوانه" 
فالآن كل الناس تسكن كل الأماكن بشكل لا تصدقه أغلب العقول :) 

فتلك الفتاة التي عملت معها.. ظننت في بادئ الأمر أنها غالبا ما تنتمي لديانة أخرى .. و قد أذهلت لاحقا .. فقد وجدت بها ما لم أجده في أغلب من قابلتهم .. بل ولا أجد حرجا في قولي أنها من أرشدتني للمعنى الجوهري خلف الصلاة و كيف تكون على أكمل وجه

و تلك الفتاة الأخرى -وهي تدين بديانة أخرى فعليا- التي جعلتني أتسمر أكثر من مرة حينما أجدها تعلق بإعجاب على ما أنشره من دعاء وحكم تحسب على أنها إسلامية على الرغم من ارتباط الفتاة بديانتها .. ثم لاحقا أجدنا متشابهين كل الشبه و نسعى لنفس الهدف السامي في هذه الحياة

هؤلاء و أكثر جعلوني أراجع نفسي كثيرا .. فظاهريا لا يمكن أن يجمعنا عقل باطن في خانة واحدة .. و لكن فعليا نحن أقرب ما يكون إلى بعضنا البعض حينما نرجح الحقائق و نسعى للإستماع و إيجاد المشتركات الإنسانية و الأخلاقية السامية, حينها تكون الحياة أرقى و تكون وحدتنا قائما دون شعارات رنانة


حاول تتخيل أن كل واحد تقابله يحمل تلك الورقة على صدره: "أستحق حبك و إحترامك"

 قبل أن تحكم عليه
إعطيه فرصة لإثبات ذلك واعط لنفسك فرصة لسماعه :)

No comments:

Post a Comment