Monday, September 23, 2019

*123* علمتني أمي

أن القوة بالله .. والعون من الله ..والحمد لله

أن النصح لله في كل وقت وكل مكان
وأن أصل من قطعني من رحمي مهما حالت أمور الدنيا بيننا، 
وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متلازمان لا غنى عن أحدهما دون الآخر

أن القوي يتألم ويحزن ويبكي ولكنه أبدا ما يجزع من قضاء الله ولا يستسلم لضعف نفسه بل يصبر ويتصبر ويحتسب فأمر الله كله خير

إطعام الطعام لله والاجتماع على الولائم: بركة للبيوت .. 
وإراقة دماء الأضاحي لله من كل وقت وحين: بركة للصحة والعافية

أن الرؤيا الصالحة واجبة النفاذ إن كانت بأمر أو نهي .. ونافذة بكل حال إن كانت بشريات .. وحقيقة أكيدة إن كانت إخبارية بأمر غيبي .. وكلها فضل وكرم من الله وحده والحمد لله

أن الحق أحق أن يُتّبع .. وألا أخشى في الله لومة لائم .. وأن صُحبة المساجد هي الصادقة الباقية

أن الفقيرهو فقير الطاعات وأبواب الخير، وأن الجاهل هو الجاهل بالله ودينه وشريعته

أن المهتدي لا يأمن الفتنة .. وأن العاصي لا ييأس من التوبة

التوكل على الله، من دعاء :
"اللهم إني أسألك موجبات رحمتك.."
فإن رزقني الطريق إليه، وجبت لي رحمته، وكفى به هاديا رحيما


"وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ"


أن الأجل لا ينتظر أحد..

1- فلا أبرح مكان أذّنت فيه للصلاة حتى أصلي، فلا ضامن لحياتي بعد رحيل ذلك المكان
2- ولا أستدين من أحد مهما صارت الأحوال، فلا ضامن لرد ديني بعد الرحيل فلم أؤخر حساب الآخرة لدَين دنيا زائلة؟
3- ولا أتكاسل عن فعل خير مهما صغر، فلعل به تكون النجاة أو يكون حسن الختام

أي عمل لا تدخل الآخرة في حساباته، وأي وقت يُقضى لغير الله هو "تضييع وقت"
ويا حسرة ابن آدم على ضياع عُمره في اللا شيء ..

أن أشد جهاد هو جهاد النفس، فجهاد النفوس المحيطة، فجهاد إنشاء أسرة ذات عقيدة سليمة، فجهاد تكوين بيئة صالحة، وجهاد تطبيق شريعة الله في أرضه، وجهاد تطبيق سنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وجهاد تجنب البدع

أن لا تهاون في ثلاث:
الصلاة .. والعهود .. والديون


كانت أُمّي بأُمّة .. فاللهم السداد والثبات

Thursday, April 18, 2019

*122* عنكِ وعنكِ فقط.

أريد اليوم أن أكتب عنكِ، وعنكِ فقط.

اليوم الخميس 13 من شعبان عام  1440 هجريا و هو ما يوافق 18 من ابريل 2019 ميلاديا.
الساعة 3:56 صباحا 
--
أستطيع أن أستمع إلى آذان الفجر يأتي من المساجد المجاورة، بالتناغم من صوت أنفاسك الصغيرة يأتي برتابة ملائكية وأنتِ مستغرقة في نوم عميق حديث العهد بك، ليكوّن لحظة من أجمل لحظات اليوم.
إنني الآن أكتب هذا لك لعلك يوما ما تمرين به فتجدي به ما يسكن قلبك أو يجيب عقلك أو يلبّي حاجة ما في نفسك.

لا أعلم لما الآن، فقد أردت الكتابة لك وعنكِ في أوقات كثيرة مبكرة ولكنني لم أفعل، أردت أن أكتب لكِ وقت أن علمت بوجودك نطفة لأول مرة ولكني لم أكتب, غالبا لأنني لم أعلم بما يجب أن أشعر. 

أردت أن أكتب لك يوم أن شعرت بثقل ما في رحمي فشعرت وكأنها روحك نُفخت في جسدك لتكوني "أنتِ" أنتِ، ولكنني لم أكتب، غالبا خانني التعبير فلم أكتب. 

أردت أن أكتب وأحكي لك عن أول شعور بأنك "أنتِ" لا "أنتَ" رغم جميع الأقوال وكيف انفرجت أساريري لأول مرة حينما علمت يقينا أن هناك ما يدعى بـ "حدس الأم"، ولكنني لم أكتب ، غالبا لأنني لم أثق بحدسي. 

أردت أن أكتب لك وأدوّن أول ركلة لكِ في رحمي، أول تواصل حقيقي بيننا، وأني تعلّمت معكِ متى تركلين وماذا تقصدين، دوما ما كنتِ تركلين لتذكريني بأن آكل أو أشرب أو أتخلص من آكل زائد فقد كان يتراكم عليكِ! ثم سرعان ما تهدئي حين ألبي طلبك، ولكنني لم أكتب، غالبا لأنك لم تستمري كثيرا حتى بدأت تركلين في كل وقت وحين! 

أردت أن أكتب لك حينما بدأت أتعرف على معالم شخصيتك من ركلك، فقد كنتِ تركلين وبشدة معي ثم ما إن يأت أباك يتفقدك حتى تهدئين وكأن شيئا لم يكن! ثم سمحتِ له هو أيضا بالتعّرف على ركلاتك مع مرور الوقت ولكنك دوما ما كنت في غاية الهدوء إن تفقدك أحدا من الأصدقاء، وها آنتِ الآن قد أتممت 8 شهور ونصف ومازلتِ تحتفظين لي بأقصى ردات الفعل ولأبيك بالقليل تارة والكثير تارة أخرى وبالهدوء والترقب لأي غريب كان. ولكني أيضا لم أكتب لكِ، غالبا لأنك كنتي ترسلين كل ركلة وأخرى وكأن حرب قد قامت! لم تكوني تطيقين إطباق رحمي عليكِ كل تلك المدة وأردت الخروج وبشدة من تلك الظلمة الضيقة! في حملك زاد وزني بشكل أفزعني ولكنك لم ترضي أبدا بكل تلك المساحة أردت دوما الحرية والانطلاق وهو ما ثبت رؤيته أيضا بعد ولادتك. 

أردت أن أكتب لكِ عن

كل تلك الرؤى من الكريم سبحانه خلال فترة حملك وما بعدها، وكم كانت مثل الماء الثلج العذب في يوم حار جدب! كنتِ دوما هناك تارة بقلب رقيق وتارة بعنفوان الدنيا ولكنك كنتِ دوما جميلة. أردت أن أكتب لك عن كل تلك الرؤى عن يسر وسهولة لحظة خروجك للدنيا، وقد كان، ولكنني لم أكتب، غالبا لأني لم أتوقع أن تكون بطريقة السهل الممتنع فلم أعلم ما يجب علي توقعه من الرؤى أو تفسيرها. 

أردت أن أكتب لك عن صدق دعائي للمولى في أن تتشبهي بأبيك في كل شيء، في الخُلق قبل الخِلقة، وعن ممازحتي له دوما أن تشبهيه في كل شيء عدا الأكل، فقد كان الشيء الوحيد الذي كنت ألين فيه، و لكنّي سرا لم أكن لأمانع أبدا أن تشبهيه في كل صغيرة وكبيرة، أردت أن أكتب لك خصيصا عن تلك اللحظة، لحظة خروجك من الرحم المظلم الضيق إلى دنيانا ذات الأفق البعيد والنور والبراح، حينما أتت بك الطبيبة وقالت لي "إنها تشبه أباها"، ولكنني لم أكتب، غالبا لأنك لم تتركي شيئا لم تتشبهي بي فيه قط! نعم فقط انا وأباك نعلم كم تشبهينني وبشدة، حتى الآن على أيّة حال. 

أردت أن أكتب لك الكثير والكثير وكنت أتحدث به داخلي كثيرا وأمنّي نفسي بالكتابة ولكني لم أجرؤ قط، غالبا لأنني لم أكن أستوعب فكرة وجودك، ووجودك معي، وكونك مني، وكوني بك. لم يستعوب عقلي تماما الفكرة، فقط كانت الكثير من الأحداث المتتالية والكثير من التفاصيل يتخللها الكثير من الانهاك واضطراب النوم ثم أحداث جديدة متتالية وهكذا حتى وصلنا اليوم وأنا لم أفهم كيف مرت تلك الأشهر الثمانية والنصف؟ أين ومتى وكيف؟ كيف تحوّلت من نطفة إلى كائن يحبو ويقف ويضحك باشراق ويبكي بدموع ويتعرف على كل المحيطات بفمه بل وينطق ليقول "إيه ده؟" بوجه يرتسم عليه جل مشاهد حب الاستطلاع لكل جديد! 

منذ فترة وأنا أجد صعوبة في استيعاب الأحداث، لم أفهم لما وظننته عطل ما حدث لجزء من عقلي أثر سنوات الكلية وضغط المذاكرة في الأعوام الأخيرة ومن ثم استغرقت زمنا فوق الزمن لاستيعاب فكرة زواجي من أبيكِ وما إن بدأت الفكرة تتكوّن في عقلي حتى وجدتك بين يدي! نعم لم يكن بالشيء الهيّن أبدا استيعاب وجودك، ولا أعتقد أني أبلي بلاء طيبا تاما الآن ولكنني لاحقا بدأت أتعرف على سبب الخلل في تأخر استيعابي للأحداث ومن ثم بدأت أدرك أني لا يجب أن أهدر المزيد من الوقت دون تدوين كل شيء عنكِ ولكِ. لكِ فقط. 

لا تكفي كل حروف الدنيا لوصف لحظة إعجاز أشهدها معكِ، ولكنني سأجتهد لأكتب لكِ دوما، فما زال جوفي مليء بالكثير، وأتمنى أن يمدني الله بعُمر يكفي لتدوين تلك اللحظات، ما مضى وما هو آت.

أستودعك الله حتى لقاء آخر.
- والدتك، التي لم تعتاد على تلك الكلمة بعد.